وكانت تلك نهاية كلمات نور التى كُتبت فى نهاية حياتها
فلأول مرة أعلم سبب إتصالها بى
وأعلم سبب وجودها بالنافذة تتجمد برداً فى أحد أركانها من شدة البرد
فقد كانت تنتظرنى
ولكننى كالعادة ذهبت بعد أن فارقت الحياة
آآآآآآآآه
فقد أنهيت الآن كتابها
فنظرت إلى الساعة لأجدها الثامنة صباحا ً فقد قرأت الكتاب كاملا ً ما بين
ليلة وضحاها
دون أن أشعر بالساعات أو بالوقت أو أنم لحظة واحدة
فأخذت أرتدى ملابسى وخرجت قاصداً بيت نور
وعندما ذهبت لباب بيتهم وطرقته فتحت لى والدتها فأعطيتها الكتيب الصغير
وقلت لها : ـ
"" لقد أستعرت هذا أمس دون علمكِ ""
فأردفت قائلة : ـ
"" وهل قرأته ..؟""
فأجبت عليها : ـ
" " قرأت كل كلمة كتبت فيه وحفظتها عن ظهر قلب " "
فقالت : ـ
" " والآن فقط علمت من تكون بالنسبة إليها …ولكن هذا لن يفيدك الآن
طالما من كانت تهواك قد ماتت
""
فقلت لها : ـ
"" سأهواها أكثر مما كانت تهوانى وإذا كان الموت قد خفف
معاناتها فأنا سأظل أحبها طالما حييت ومهما طال آجلى لن أتزوج غيرها سأعيش من أجلها فقط .. سأعيش لأبادلها عشقها لى ""
فإبتسمت وقالت لى : ـ
"" على الرغم من سعادتى بمشاعرك هذه تجاه إبنتى
ولكنى لابد أن أقول لك إنها لو كانت على قيد الحياة لتمنيت لك السعادة دون
أن تعذب نفسك من أجلها
فسبيل سعادتها الحقيقية فى أن تكون سعيدا ً بحياتك
وأن تجد غيرها ممن تستحق حبك وتعطى قلبك لها
وتنجب أولاداً يساندونك فى وهن الشيخوخة
ومن حين لآخر إذهب إلى قبرها جالباً لها الزهور التى تحبها لتضعها على
القبر وتقرأ لها الفاتحة وتبتسم فهذا خير ما تفعله من أجلها ""
وأنتهى حديثى مع والدتها هكذا
وظللت لمدة خمسة سنوات لا أرى إمرأة غيرها فى مرآة حياتى
ولكن الحياة لا تتوقف بموت من يحبونا ونحبهم
فلقد علمتنى نور أن للحياة متع أخرى غير متع الحب
وتلك المتع موجودة حولنا بحياتنا فى أولادنا وأزواجنا و حياتنا المستقرة و
نجاحنا فى عملنا
لذلك فإن حياتى أكملت دورتها للنهاية
فتزوجت من إمرأة تحبنى وأحبها على الرغم من أن حبى لها لم يتجاوز حبى لنور
فقد كانت فتاة جميلة طيبة وزوجة صالحة ونبتت بينا الرحمة والعشرة والمحبة
وكلل زواجنا الأبناء
فكانت أكبرهم فتاة سميتها "" نور ""
على اسم من علمتنى معنى الحياة
فقد علمتنى
نور كيف أشعر بالأشياء البسيطة من حولى مهما كانت تلك الأشياء صغيرة
وتافهة فمن
الممكن أن تجلب لنا السعادة لو أعطيناها الأهتمام اللازم
كما علمتنى
أن الحياة جميلة مليئة بالمشاعر من حولنا التى لا نلاحظها إلا إذا
دققنا النظر وتلك
الحياة تستحق أن نحياها فأنا الآن رجلاً قد تجاوز السبعين عاماً ومازلت سعيدا ً وأشعر إننى
أخذت من تلك الدنيا ما أريد
فقد أنعم الله على بالحب الأسطورى وبالزوجة الصالحة وبالأولاد الذين
يمثلون جميعا ً كنز لا يفنى
فعندما تجتمع
تلك الأشياء جميعا ً أشعر إننى محظوظا ً فكثير من الناس يعيشون
أعماراً مديدة
دون أن يحظوا بالحب الذى حظوت به وبالحياة التى أحياها فها أنذا على الرغم من شيخوختى فلم أنسى
لحظة واحدة أو كلمة واحدة وجدتها فى كتيب نور
فكانت بالفعل تجربة تستحق أن أسجلها أنا الأخر لتكتمل أحداثها
فيكون كتابى مكملاً لكتابها فأنا حتى الآن مازلت أشتم عبير عطرها حولى
وأشعر بوجودها بجانبى تساندنى فى أزمات حياتى
وحتى الآن أذهب كل يوم جمعة إلى مقبرتها ومعى الزهور التى تحبها لأنثرها
فوق قبرها
وأقرأ لها الفاتحة متمنياً لها الرحمة
مبتسماً فى وجه روحها التى تراقبنى …
إنتهت القصه وأتمنى أن تكون نالت رضاكم ومعذره على الإطاله والتأخير فى النشر
...
ردحذفالحياة تستمر فعلا ولا يمكن ايقافها بفقد..
اما ان ينير الفقد دربك من جديد فهذا امر لا يجيده الجميع..
إيجابية جميلة نثرتها هنا
شكرًا لك..